وحينئذ فلا يتوقف إيجاب الشاة الثانية في المثال الأول إلا على واحدة فقط لأن الفرض أنه لم ينقص شيئًا، وقد وجدت تلك الواحدة، ولا يتوقف إيجاب الشاة الثالثة في المثال الأخير إلا على واحدة أيضًا لأن المال الذي عجل عنه الشاتين وهو المائتان باقٍ على حاله، وتلك الواحدة التي توقف عليها قد وجدت، وهكذا يفعل في سائر الأمثلة.
وإذا فرضنا أنه أخرج من نفس المال فيكون المخرج كالباقي على حاله، وحينئذ فيجب أيضًا بحدوث ما قلناه غير أنه لا يمكن أن يكون المخرج، والحالة هذه معلوفًا ولا مشترًا فظهر أن ما قاله الرافعي في هذا الموضع، وتبعه عليه النووي غلط عجيب ولم أظفر له بمثله، فإنه ليس أمرًا نقليًا، فيحال على الأصل الذي نقل منه إما لإسقاط أو تحريف أو انتقال نظر، بل أمرًا مأخوذًا من قواعد أنتجه عمله وفكرته.
قوله: وإذا لم يعرض ما يقتض الرجوع، وكان الباقي عنده دون النصاب كما لو عجل شاة من أربعين فقط فقال صاحب "التقريب" نقدر كأن الملك لم يزل له مقتضى الحول، وفي ملكه نصاب، واستبعد الإمام ذلك فقال: كيف نقول ببقاء ملك المعطي مع نفوذ تصرف القابض بالبيع وغيره، وهذا الاستبعاد حق إن أراد صاحب "التقريب" بقاء الملك حقيقة، وإن أراد أنه نازل منزلة الثاني حتى يكون مكملًا للنصاب ومجزئًا عن الزكاة، فلا استبعاد، والأصحاب مطبقون عليه، وكأنه اكتفي عند التعجيل بمضى ما سبق من الحول على كمال النصاب رفقًا بالفقراء. انتهى ملخصًا.
وحاصله الاتفاق على زوال الملك، وعلى تنزيله منزلة الباقي، وليس فيه ما يقتضي إثبات خلاف بل اعتراض الإمام في غاية الضعف، وكان ينبغي للرافعي أن لا يذكره بالكلية أو ينبه على ضعفه.