للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا لفظه.

فيه أمران:

أحدهما: أن ما قاله من كون المذكور في النفقات أن الأب يقدم في النفقة على الأم ليس كذلك؛ بل الذي صححه هناك هو العكس.

والذي قاله هنا من تقديم الأب قد وقع أيضًا في "الروضة" وفي "المحرر" و"مختصره" و"تصحيح التنبيه".

وتفطن النووي في "شرح المهذب" لهذه المناقضة فحاول [الجمع] (١) بينهما فقال: إنما قدموا في النفقات الأم لعجزها، وأما الفطرة فإنها لتطهير المخرج عنه وتشريفه، والأب أحق بهذا؛ فإنه منسوب إليه ويشرف بشرفه، ومراد الأصحاب بقولهم كالنفقة أي: في الترتيب، وقد شاركته في المعظم. انتهى كلامه.

وهذا الطريق الذي سلكه في الجمع بين الكلامين فاسد لوجوه:

أحدها: أن المعنى الذي ذكره وهو مراعاة الشرف ذهول عجيب؛ فإنا لو راعيناه لم نقدم فطرة الابن الصغير على الأبوين؛ فدل على إلحاقها بالنفقة في تقديم الأحوج فالأحوج.

ثانيها: أن هذا الطريق إنما يستقيم التمسك به لو تكلموا هنا على المقدم منهما في الفطرة ولم يتكلموا في النفقة، وليس كذلك، بل قد صرحوا تصريحًا لا احتمال فيه ولا وقفة بأنا إنما قدمنا الأب في الفطرة؛ لأنه المقدم في النفقة، بل صرحوا بأنه المقدم فيها فراجع العبارة المتقدمة.

ثالثها: أن الرافعي لما تكلم هنا في "الشرح الصغير" على المقدم في الفطرة ذكر أن الأصح أنه يقدم فيها من تقدم نفقته، ولم يذكر مراتب من


(١) في حـ: أن يجمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>