للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الأول فمخالف لما ذكره قبل ذلك فإنه قال: ولو ملك رجلان عبدًا وأوجبنا الغالب من قوت البلد ومكان العبد في بلد آخر بني على أن الفطرة تجب على المالك ابتداء أم بطريق التحمل؟ انتهى.

ومقتضاه أن الصحيح وجوبها من بلد العبد على عكس ما سبق نقله الآن عن "الروضة".

وقد ذكر الرافعي المسألة على الصواب؛ فإنه بعد ذكره لما قاله النووي نقل عن الشيخ أبي عليّ أن هذا إذا قلنا بوجوبها على المخرج ابتداءا، فإن قلنا بالتحمل تعين قوت بلد العبد، وهكذا ذكره الرافعي في "الشرح الصغير" من غير نقله عن الشيخ أبي عليّ؛ بل جزم به.

وكذلك النووي في "شرح المهذب"، ولكنه في "الروضة" أهمل ذكر هذا التفريع نسيانًا، وجعلها مسألة مستقلة فحصل من الغلط ما حصل، ثم إنه أخذ مما قرره في "الروضة" وجعله في "المنهاج" من زياداته، وفي "تصحيح التنبيه".

وذلك كله خطأ فاعلمه، ولم يتفطن له في شيء من كتبه إلا في "شرح المهذب" كما أشرنا إليه.

قوله: فهل يتخير بين الأقوات؟ فيه وجهان: أحدهما: نعم؛ لظاهر حديث أبي سعيد.

وأصحهما: لا؛ بل يتعين الغالب؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم" (١)، ولو صرف إليه غير القوت الغالب لما كان يغني عن الطلب؛ فإن الظاهر أنه يطلب القوت الغالب في البلد.

ثم قال: وقول الغزالي في "الوجيز"، ثم يتعين من الأقوات القوت


(١) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٧٥٢٨)، وابن عدي في "الكامل" (٧/ ٥٥) من حديث ابن عمر، وفيه محمد بن عمر الواقدي وهو متروك، وقال الألباني: ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>