ومنهم الجرجاني فإنه قال في "الشافي": الوصال أن يترك بالليل ما أبيح له من غير إفطار.
وقال ابن الصلاح: يزول بما تزول به صورة الصوم.
وتعبير الرافعي بقوله: أن يصوم يومين يقتضي أن المأمور بالإمساك كترك النية لا يكون امتناعه بالليل من تعاطي المفطرات وصالًا؛ لأنه ليس بين صومين، إلا أن الظاهر أنه جرى على الغالب.
قوله: ومنها أن يصون لسانه عن الكذب والغيبة والمشاتمة؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحديث المعروف:"فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم"(١).
قال الأئمة: معناه: فليقل في نفسه ولينزجر، ثم قال بعد ذلك: هذا شرح السنن الثمان التي ذكرها المصنف. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن عد صيانة اللسان عن هذه الأمور من السنن ذكره أيضًا في "المحرر"، وتبعه عليه في "الروضة"، وهو سهو؛ لأن السنة لا يجب الإتيان بها، وصيانة اللسان عن ذلك واجب في حق غير الصائم فضلًا عن الصائم ويمتاز الصائم عن غيره بتأكد إيجابه.
وأما دعواه أن الغزالي ذكر ذلك فليس كما قال؛ فإن الغزالي عبر بقوله:(وكف اللسان عن الهذيان). هذا لفظه، ولم يذكر فيه شيئًا من المحرمات.
وأشار بالهذيان إلى الكلام الذي له عنه مندوحة لا تتعلق به أغراض شرعية ولا دنيوية، وقد صرح غير الغزالي باستحباب تركه.
ولما ذكر الشيخ أبو إسحاق ترك المحرمات عبر بقوله:(وينبغي). وهو
(١) أخرجه مالك (٦٨٢) والبخارى (١٧٩٥) ومسلم (١١٥١) من حديث أبى هريرة - رضي الله عنه -.