للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويخرج على هذين الطريقين ما إذا نذر أن يعتكف محرمًا.

فإن لم نوجب الجمع بين الاعتكاف والصلاة فالقدر الذي يلزمه من الصلاة هو القدر الذي يلزمه لو أفرد الصلاة بالنذر، وإن أوجبنا الجمع لزمه ذلك القدر في يوم اعتكافه ولا يلزمه استيعاب اليوم بالصلاة. انتهى كلامه.

واعلم أن المفهوم من الإحرام في قول الرافعي ما إذا نذر أن يعتكف محرما إنما هو الإحرام بالحج، وهي مسألة حسنة استفدناها من كلامه إلا أنه بعد إجراء الخلاف فيها أخذ في التفريع على المسألة الأصلية التي ذكرها الغزالي وهي مسألة الصلاة، والرافعي أخذ المسألة من "التتمة" فإنه ذكر -أعني النووي- مسألة الصلاة والتفريع عليها ثم قال: ولو نذر أن يعتكف عشرة أيام محرمًا فالحكم فيه كالحكم في مسألة الصلاة. هذا لفظه، وهو صريح في إرادة الحج أو العمرة لا الإحرام بالصلاة.

وذكر القاضي الحسين في "تعليقه" أيضًا هذه المسألة إلا أنه خالف فلم يوجب عليه الإحرام فقال في استدلاله على أنه لا يجب الجمع بين الاعتكاف والصلاة: فلا يصير شرطًا في عبادة أخرى كما لو نذر أن يعتكف محرمًا لا يلزمه الإحرام، فأما إذا نذر أن يصلي معتكفًا لزمه أن يصلي ركعتين. هذا لفظه.

وظاهره أنه لا يجب الإحرام بالكلية لا منفردًا ولا مجموعًا.

إذا علمت ذلك كله فاعلم أن النووي قد توهم أن المراد بالإحرام هو الإحرام بالصلاة، فقيده به في "أصل الروضة" فقال: والصلاة أفعال مباشرة لا تناسب الاعتكاف.

ولو نذر أن يعتكف محرمًا بالصلاة، فإن لم نوجب الجمع بين الاعتكاف والصلاة فالذي يلزمه من الصلاة هو الذي يلزمه لو أفرد الصلاة إلى آخر التفريع السابق، فانظر كيف قيده به وجعل التفريع الذي قاله الرافعي عائدًا إليه خاصة؛ فلزم منه الخلل من وجوه:

<<  <  ج: ص:  >  >>