ثم إنه لم يشترط ذلك في المحرم وغيره ممن يخرج مع المرأة وفيه نظر سببه أن الوازع الطبيعي أقوى من الوازع الشرعي.
الرابع: أنه يشترط في حق الخنثى أيضًا من المحرم ما يشترط في المرأة؛ لاحتمال الأنوثة؛ فإن كان معه نسوة من محارمه جاز، وإن كن أجنبيات فلا؛ لأنه يحرم عليه الخلوة بهن. كذا نقله في "شرح المهذب" عن القاضي أبي الفتوح، وصاحب "البيان"، وغيرهما، واقتصر عليه. وما قاله في الأجنبيات مبني على منع خلوة رجل بنسوة، والمشهور جوازه.
واعلم أن مراد الرافعي وغيره هنا بالأمن هو الأمن من خديعة المرأة واستمالتها إلى الفاحشة.
قوله: فإن لم تجد نسوة ثقات فأقوال؛ ظاهر المذهب منها أنه لا يلزمها.
والثاني: عليها أن تخرج مع المرأة الواحدة.
والثالث: واختاره جماعة -أن عليها أن تخرج وحدها؛ لما روي عن عدي بن حاتم أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:"يا عدي، إن طالت بك الحياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله" قال عدي: فرأيت ذلك. (١) انتهى.
فيه أمور:
أحدها: أن هذا الذي صححه من كون الواحدة غير كافية إنما هو بالنسبة إلى الاستطاعة وعدمها، وأما جواز الخروج في أداء حجة الإسلام معها -أي: مع المرأة الواحدة- فجائز على الصحيح.
(١) أخرجه البخاري (٣٤٠٠) من حديث عدي - رضي الله عنه -.