ويجب أن يكون الحكم كذلك فيما لو قال وهو في أوائل ستين مثلًا: لله عليّ أن أحج في سنة إحدي وستين حجة ليست حجة الإسلام.
الأمر الثالث: أن ما نقله عن أبي حنيفة قد تابعه عليه في "الروضة" وعبر بقوله: وقال مالك وأبو حنيفة، لكن قال المحاملي في "المجموع": قال المزني: ليس لأبي حنيفة في المسألة نص ولكن اختلف صاحباه؛ فقال محمد بن الحسن كقولنا، وقال أبو يوسف: إنه على الفور، فأخذ أصحابه بقوله؛ فاستفدنا منه أنه قول الحنفية لا قول أبي حنيفة، وعبارة الرافعي أبعد عن الاعتراض من عبارة "الروضة".
قوله: لنا أن فريضة الحج نزلت سنة خمس من الهجرة وأخّره النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من غير مانع فإنه خرج إلى مكة سنة سبع لقضاء العمرة ولم يحج، وفتح مكة سنة ثمان، وبعث أبا بكر أميرًا على الحج سنة تسع، وحج هو سنة عشر، وعاش بعدها ثمانين يومًا ثم قبض إلى -رحمة الله تعالى-. انتهى.
وهذا الذي جزم به من نزول الفرض سنة خمس قد صحح ما يخالفه في أوائل السير فقال: وفرض الحج سنة ست، وقيل: سنة خمس. هذا لفظه، وتبعه في "الروضة" على الموضعين، وصحح ابن الرفعة أيضًا أنه في ست، ونقله في "شرح المهذب" عن الأصحاب، وقيل: إنه فرض سنة ثمان قاله الماوردي في "الأحكام السلطانية"، وقيل سنة تسع حكاه في "النهاية".
وقوله:(وعاش بعدها) أي: بعد عوده من الحج لا بعد الحج نفسه، فاعلمه؛ فإن الحج انقضى ثالث عشر وتوفي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الثاني عشر من ربيع الأول.