الفور بخلاف من طرأ عليه العضب بعد وجوب الحج فإنه تلزمه المبادرة إلى الاستنابة في أظهر الوجهين عند الإمام وغيره كما أوضحه الرافعي في الكلام على أن الحج لا يجب على الفور، وإذا علمت ما ذكرناه علمت أن الخلاف المتقدم لا يمكن إحرازه فيما إذا بلغ معضوبًا لعدم الوجوب على الفور بخلاف من طرأ عليه العضب بعد الوجوب، ولما تكلم الرافعي على المسألة في الكلام على وجوب الحج على التراخي خص الخلاف بالحالة الثانية كما هو الصواب وأشار هناك إلى أن الحاكم على هذا الوجه مخير بين أن يستأجر وبين أن يجيره على الاستئجار بخلاف ما تشعر به عبارته هنا من تعين الاستئجار.
الثالث: أن ما ذكرنا في استئجار الحاكم عند امتناع المعضوب من الإجارة يأتي بعينه في الإذن للمطيع، لكن ذكر النووي في "شرح المهذب" أن المعضوب إذا لم يأذن ألزمه الحاكم فإن امتنع فالوجهان.
والذي قاله من الإلزام لا يستقيم، ولم أر من قال به، والتعليل المذكور في الاستئجار والنيابة موجود بعينه في الإلزام، وهذا خيروا بينهما على القول بوجوب الاستئجار كما تقدم، فالصواب أنه أيضًا على الوجهين والقول بالتخيير صريح فيه وفي إبطال ما قاله النووي.
قوله: ولوجوب الاستنابة على المعضوب طريقان: أحدهما: أن يكون مالكًا لمال يستأجر به من يحج عنه، والثاني: أن يتبرع غيره بالحج عنه.
فإن كان المطيع أحد فروعه لزمه القبول ويشترط فيه أن لا يكون المطيع ضرورة ولا معضوبا وأن يكون موثوقًا بصدقه.
انتهى كلامه. فيه أمران:
أحدهما: أن ما ذكره -رحمه الله- من كونه غير معضوب قد تابعه