قريبه أن يحرم من الطرف الأبعد من مكة ليقطع الباقي محرمًا، وقياسه أن المكي يحرم من طرفها الأبعد عن مقصده -وهو عرفات- تعين ما قاله من العلة.
الأمر الثاني: أن النووي قد ذكر من زياداته في الكلام على ركعتي الإحرام أن الأصحاب قالوا: إن كان في الميقات مسجد فالمستحب أن يصلي الركعتين فيه وما تقرر أن ميقات المكي مكة وفيها مسجد فيستحب فعلها فيه وحينئذ فكيف يجتمع ذلك مع ما صححوه هنا من كونه يحرم من باب داره ثم يأتي المسجد؛ لأن الركعتين سابقة على الإحرام.
قوله: وميقات المتوجهين من المدينة ذو الحليفة، وهي على ميل من المدينة. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: ما نبه عليه العمراني؛ وهو أن عائشة كانت تحرم من ذي الحليفة وبالعمرة من الجحفة.
قال: وهو محمول عندنا على أن للمدينة طريقين فمن أي الطريقين سلك أحرم من ميقاتها، وقد روى البخاري ومسلم عن أبي الزبير أن جابرًا سئل عن المهل -فقال أحسبه رفعه إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: مهل أهل المدينة من ذي الحليفة والطريق الآخر الجحفة (١).
الأمر الثاني: أن ما ذكره من كون ذي الحليفة على ما ذكره صاحب "الشامل" فقلد فيه الرافعي والحسي يرده، بل الصواب المعروف المشاهد أنها على فرسخ وهو ثلاثة أميال أو يزيد قليلًا، بل ذكر الغزالي في "البسيط" أنها على ستة أميال وصححه في "شرح المهذب"، وقيل على سبعة، ولم يتعرض في "الروضة" لشيء من ذلك.
(١) أخرجه مسلم (١١٨٣) من حديث جابر، والبخاري (١٣٣) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.