وأظهرهما: يتعين المحاذى الأبعد، وليس له انتظار الوصول إلى محاذاة الأقرب كما ليس للخارج من المدينة أن يجاور ذا الحليفة ليحرم من الجحفة، وقد يتصور في هذا القسم محاذاة الميقاتين دفعة واحدة؛ وذلك بانحراف أحد الطريقين لو عورة وغيرها وحينئذ فلا كلام في الإحرام موضع المحاذاة.
لكن هل إحرامه منسوب إلى أبعد الميقاتين أو قريبهما؟ حكى الإمام فيه وجهين. قال: وفائدتهما فيما إذا جاوز موضع المحاذاة وانتهى المكان الذي يسلك منه إلى الطريقين اللذين للميقات فأراد العود لدفع الإساءة ولم يعرف موضع المحاذاة فهل يرجع إلى هذا أم ذاك؟ وإن تفاوت الميقاتان في المسافة إلى مكة وإلى طريقه فالاعتبار بالأقرب إليه، وقيل: إلى مكة.
واعلم أن الأئمة فرضوا جميع هذه الأقسام فيما إذا توسط بين طريقين يفضى كل واحد إلى ميقات، ويمكن تصوير القسم الثالث والرابع في ميقاتين على يمينه أو شماله كذي الحليفة والجحفة؛ فإن أحدهما بين يدي الآخر فقد يتساوى قربهما على طريقه وقد يتفاوت. انتهى ملخصًا.
فيه أمور:
أحدها: أن المراد بالمحاذاة في هذا الموضع هو المسامته عن اليمين أو الشمال دون الظهر أو الوجه.
الثاني: أن الإمام قد احترز بقوله: ولم يعرف موضع المحاذاة عما إذا عرفه فإنه يرجع إليه أو إلى مثل مسافته من أحد الميقاتين كذا صرح به الإمام أيضًا.
الثالث: أن تساوى الميقاتين في المسافة إلى مكة واضح، وأما تساويهما بالنسبة إلى طريقه فيحتمل أمور:
أحدها: أن يحاذيهما معًا وتكون المسافة من موضعه إلى أحدهما