أحدها: أن المراد بالغلو هنا هو البيع بزيادة على ثمن المثل. فتفطن له؛ فإن الغلو يطلق مرة لهذا ومرة وهو الأغلب على ارتفاع القيم لقلة الأشياء. وقد صرح الرافعي بذلك في أوائل الحج في الكلام على الزاد والماء فقال: وإن وجدها بثمن المثل لزم التحصيل سواء كانت الأسعار رخيصة أو غالية. هذا كلامه، وقد أحسن في "شرح المهذب" فلم يعبر بالغلو بل بالزيادة على ثمن المثل، وإن كان في "الروضة" قد وافق الرافعي على التعبير بالغلو وأطلق في الكتابين تصحيح السقوط، وقد صححه أيضًا الشاشي.
الأمر الثاني: أن الصورة الثانية محلها: ما إذا زال الغلو وتركه الرافعي لوضوحه.
الأمر الثالث: أن هذه المسألة تتصور أيضًا بما إذا كان له مال يحتاج إليه من ثياب وعبد ودار ونحو ذلك فإن الاحتياج يزول بالموت.
قوله: فإن فسرنا الرجوع في الآية بالرجوع إلى الوطن -وهو الصحيح على ما سبق- فلا يمكن صوم السبعة قبله.
وإن قلنا: الفراغ من الحج، فلا يمكن أيضًا قبله. ثم دوام السفر عذر على ما قاله الإمام بل قد سبق أنه يستحب التأخير إلى أن يصل إلى الوطن في أصح القولين للخروج من الخروج.
وقد نقل عن القاضي الحسين أنا إذا قلنا بالاستحباب فمات في الطريق فهل تجب الفدية؟ فيه وجهان يخرجا من الوجهين فيما إذا ظفر بالمساكين ولم يدفع الزكاة إليهم ليدفعها إلى الإمام فتلف المال هل يضمن أم لا؟ انتهى.
ومقتضى هذا التخريج وجوب الفدية على الصحيح على خلاف ما يحاوله الإمام لأن الصحيح في الزكاة هو الضمان وإيجاب الفدية مشكل؛ فإن السفر عذر في صوم رمضان والنذر فكذلك هنا، وقد حذف النووي من "الروضة" هذا التشبيه المقتضى للترجيح.