للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن طباق الأصحاب هنا على استحباب الدخول من باب بني شيبة وتعليلهم بأنه لم يكن على طريقه إلا باب إبراهيم ينافي كلامهم في المسألة السابقة فإنهم قالوا: إن الثنية العليا على طريق المدينة ويلزم من كونها على طريقها أن يكون باب بني شيبة على طريقه أيضًا لأن الداخل من الثنية يمر على باب المعلى، وأول ما يلقى من الأبواب باب بنيشيبة، وهذا معلوم بالمشاهدة لا مكابرة فيه، وقد تقدم أيضًا في أثناء كلام الشيخ أبي محمد.

وحديث الدخول من باب بني شيبة رواه البيهقي بإسناد صحيح عن ابن عباس.

والمعنى فيه ما أشار إليه الرافعي وإيضاحه أن باب الكعبة في جهة ذلك الباب، والبيوت تؤتى من أبوابها، وأيضًا فلأن جهة باب الكعبة أشرف الجهات الأربع كما قاله ابن عبد السلام في "القواعد" فكأن الدخول من الباب الذي يشاهد منه تلك الجهة أولى. وسكت الرافعي عن الباب الذي يخرج منه عند إرادته الرجوع إلى بلده، ويستحب أن يكون ذلك هو باب بني سهم ففي "النوادر" عن ابن حبيب أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخل المسجد من باب بني شيبة وخرج إلى الصفا من باب بني مخزوم وإلى المدينة من باب بني سهم -بالسين- ويسمى اليوم بباب العمرة.

قوله: ويبتدئ كما دخل بطواف القدوم لأنه -عليه السلام- أول شيء بدأ به حين قدم مكة أن توضأ ثم طاف بالبيت (١)، وسمي أيضًا طواف التحية. لأنه تحية للبقعة يأتي به من دخلها سواء كان تاجرًا أو حاجًا أو دخلها لأمر آخر. انتهى.

والمراد بالبقعة الذي هذا تحيتها هو البيت؛ فإن الطواف تحية له كما


(١) أخرجه البخاري (١٥٣٦) ومسلم (١٢٣٥) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.

<<  <  ج: ص:  >  >>