الأمر الثاني: أن مسألة السقف إذا كان أعلى قد جزم القاضي الحسين فيها بالصحة على وفق ما يشير إليه كلام الرافعي، وقال في "شرح المهذب": إن الجواز هو الصواب، ويلزم من تصحيحه في هذه المسألة تصحيحه في المسألة السابقة بطريق الأولى، لكن قد ظهر لك مما نقلته عن الماوردي والروياني أنهما مصرحان بالمنع.
قوله: ولو اتسعت حائط المسجد اتسع المطاف. انتهى.
هذا الكلام يدخل في عمومه مسألة تذكر على سبيل الامتحان والفرض وإن كانت لا تقع عادة؛ وهي أن المسجد لو وسع حتى انتهي إلى الحل فطاف في الحاشية التي من الحل صح. وفيه نظر، والقياس عدم الصحة.
وقد ذكر الرافعي قبل هذا كلامًا حذفه من "الروضة" لكن مكة والحرم، هذه عبارته، إلا أن المتبادر منها إلى الفهم إنما هو حالة الخروج من المسجد.
قوله: وقد جعلته العباسية أوسع مما كان في عصر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انتهى.
وهذه العبارة ناقصة موهمة إيهامًا شديدًا أن العباسية هم الذين زادوا المسجد على المقدار الذي كان في عهده -عليه الصلاة والسلام-، وليس كذلك فإنه قد وسع أربع مرات فبل خلافتهم كما نقله جماعة منهم الأزرقي في "تاريخ مكة"، ونبه عليه النووي في كثير من كتبه فقال: أول من وسع المسجد الحرام بعد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-؛ اشترى دورًا فزادها فيه، واتخذ للمسجد جدارًا قصيرًا دون القامة، وكان عمر أول من اتخذ الجدار للمسجد.
ثم وسعه عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- كذلك واتخذ له الأزقة؛