الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانوا يبازون بينهما؛ وذلك أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد شرط عام الصد أن يتخلوا عن بطحاء مكة إذا عادوا لقضاء العمرة، فلما عادوا وفوه بالشرط ورقوا جبل قعيقعان وهو جبل في مقابلة الحجر والميزاب، وكانوا يظهرون القسوة والجلادة حيث تقع أبصارهم عليهم، فإذا صاروا بين الركنين اليمانيين كان البيت حائلًا بينهم وبين أبصار الكفار. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ذكره من الجزم بطريقة القولين قد تبعه عليه النووي في "الروضة" ثم خالفه في "شرح المهذب" فحكى طريقتين: إحداهما: هذه، والثانية: القطع باستحباب التعميم.
ثم قال: وهذا الطريق هو الصحيح المشهور وبه قطع الجمهور.
الأمر الثاني: أن العمرة التي اعتمرها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سنة ست من الهجرة وصده المشركون عنها تسمى عمرة الحديبية، والعمرة التي تليها تسمى عمرة القضاء -أي: الشرط- لأنهم قاضوه -أي: شارطوه- في عام الحديبية على أن يتحلل ويعود في العام القابل، ووقع مع ذلك شروط أخرى.
وتسمى أيضًا عمرة القضية كذلك. هكذا قاله العلماء.
قالوا: وليس تسميتها هذا الاسم من القضاء بمعنى استدراك العبادة. ومما يؤيده أن القضاء لا يجب على المحصر.
إذا علمت ذلك فتعبير الرافعي في الاستدلال بقوله إذا عادوا لقضاء العمرة يعتبر مردود. وصوابه: بعمرة القضاء.
والحديثان المذكوران في الرافعي رواهما مسلم في "صحيحه".
وإنما أخذ الأصحاب برواية التعميم لأنها واردة في حجة الوداع فوجب