وهو صريح في أن الطيب مباح لا ثواب فيه وإلا لم يصح قياس القول الأول عليه ليس كما قال، بل المنقول استحبابه بين التحللين؛ لرواية عائشة، ونص عليه الشافعي في "الأم" وجزم به هو أعني الرافعي في آخر المسألة، ووقع هذا الاختلاف للنووي أيضًا؛ فإنه ذكر في "شرح المهذب" ما ذكره الرافعي من القياس المذكور وجزم في "الروضة" باستحبابه.
واعلم أنا قد استفدنا من استحباب الطيب أنه لا يلزم من كون الشيء استباحة محظور أن ينتفي عنه الثواب؛ ولهذا قال في "الوسيط": إذا جعلنا الحلق استباحة محظور كان مستحبًا يلزم بالنذر بلا خلاف، وفيه كلام آخر ستعرفه.
قوله في "أصل الروضة": فإن قلنا: إن نسك فهو ركن لا يجبر بالدم. انتهى. وحكى الرافعي بعد هذا في الكلام على ما يحصل به التحلل عن الداركي أن الحلق ليس بركن إذا جعلناه نسكًا، وأسقط النووي هذا الوجه، وذهب الشيخ أبو حامد وجماعة إلى أنه ركن في العمرة واجب في الحج.
فحصلنا على خمسة أوجه.
قوله: لكن الحلق أفضل؛ لقوله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "رحم الله المحلقين. فقالوا يا رسول الله والمقصرين؟ فقال في الرابعة: والمقصرين"(١). انتهى.
وما أطلقه من تفضيل الحلق قد تبعه في "الروضة" وهو في الحج صحيح.
وأما العمرة ففيها تفضيل نص عليه الشافعي في "الإملاء" ذكره في أثناء كتاب الحج قبل آخره بنحو خمسة عشر ورقة فقال ما نصه: قال الشافعي: ومن قدم معتمرًا قبل الحج في وقت إن حلق فيه حمم رأسه حتى لا يأتي
(١) أخرجه البخاري (١٦٤٠) ومسلم (١٣٠١) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.