ثم قال: وهذا كلامه، وهو حسن إلا التكبير عند فراغه؛ فإنه غريب، وقد استحب التكبير أيضًا البندنيجي، ونقله صاحب "البحر" عن أصحابنا. انتهى.
فانظر كيف استغرب استحبابه مع أنه مجزوم به في الرافعي؛ وسببه ما أشرنا إليه مرات من كونه ينقل من "الروضة" ويعزوه إلى الرافعي، وقد سري هذا الوهم أيضًا إلى المناسك؛ فإنه عد المستحبات كما وقع في "الروضة" خاصة ولم يذكر التكبير.
قوله في "الروضة": ولو حلق ثلاث شعرات في دفعات أو أخذ من شعره واحدة شيئًا ثم عاد ثانيًا فأخذ منها ثم ثالثًا فأخذ، فإن حملنا الفدية به لو كان محصورًا حصل النسك وإلا فلا. انتهى كلامه.
ذكر الرافعي نحوه أيضًا. وهذه المسألة المحال عليها وهي تكميل الفدية قد ذكرها الرافعي في آخر النوع السادس من محرمات الإحرام، ونقلها النووي إلى آخر النوع السابع، وصححا معًا أن الدم لا يكمل بل يجب في كل منها ما يجب فيه لو انفرد وهو المدون بالعاقي في ذلك حتى اقتضى كلامهما تصحيح القطع به، وحينئذ فلا يحصل به النسك أيضًا على الأصح المقطوع به.
وقد خالف ذلك في "شرح المهذب" فقال: فلو حلق أو قصر ثلاث شعرات في ثلاثة أوقات أجزأه وفاتته الفضيلة، هذا هو المذهب. انتهى لفظه. ثم نقل بعد ذلك ما قاله هو في "الروضة" تبعًا للرافعي عن الإمام خاصة وأن الرافعي يخصه فقال كذا وكذا، وهو تباين فاحش، على أن الرافعي هنا لم يصرح بالمنع على القول بعدم تكميل الفدية، بل إنما يؤخذ من مفهوم كلامه، وإنما النووي هو الذي صرح به حالة الإحصار.