للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"العدة"- وجوبه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا ينصرفن أحدكم حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت" (١).

واحتج للثاني بالقياس على طواف القدوم لكن صاحب "التقريب" ألحق طواف القدوم بطواف الوداع في وجوب الجبر.

وعلى التسليم بالفرق أن طواف القدوم تحية البقعة وليس مقصودًا في نفسه؛ ألا ترى أنه يدخل في طواف العمرة وطواف الوداع مقصود في نفسه، وكذلك لا يدخل تحت طواف آخر. انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن هذا التعليل الذي ذكره في طواف الوداع وهو كونه مقصودًا لا يدخل تحت غيره لم يذكره في "الروضة" ولا في "شرح المهذب". وهو حكم مهم بل قاعدة عظيمة حتى لو طاف للإفاضة بعد رجوعه من أيام منى ثم أراد السفر عقبة لم يكف بل لابد أن يطوف للوداع أيضًا. وكذلك لو طاف للعمرة أو عن نذر.

ولكن روى البخاري في صحيحه عن عائشة في اعتمارها مع أخيها عبد الرحمن عقب الحج ما يدل على خلاف؛ فإنه لما ذكر الحديث قال في أثنائه: "فنزلنا المحصب فدعا بعبد الرحمن فقال: أخرج بأختك من الحرم فلتهل بعمرة ثم افرغا من طوافكما انتظركما هاهنا فأتيا في جوف الليل فقال: أفرغتما؟ قال نعم. فنادى بالرحيل في أصحابه بأن يحل الناس" (٢).

هذا لفظه. فلم يأمر بطواف غير طواف العمرة؛ ولهذا ترجم له -


(١) أخرجه مسلم (١٢٢٧) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(٢) أخرجه البخاري (١٤٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>