والثالث: رواية الحميدي عن الشافعي: في شعره ثلث دم وفي شعرتين ثلثان. وهو قسط الواجب في الثلاث. انتهى.
وما ذكره الرافعي في هذه المسألة هو المعروف في المذهب والمذكور في كتب النووي أيضًا.
وإطلاقهم هذه الأقوال وتصحيح الأول منها مشكل لأنه إذا حلق ثلاث شعرات فيكون مخيرًا بين إخراج الدم أو ثلاثة آصع أو صيام ثلاثة أيام؛ وحينئذ فإذا حلق شعرة أو شعرتين فيكون أيضًا مخيرًا بين يخصها من الخصال الثلاث، فكيف يأتي ما ذكروه؟
والجواب: أن هذه الأقوال ليست على إطلاقها بل إن اختار الإطعام أخرج عن كل شعرة صاعًا بلا نزاع، وإن اختار الصيام صام عن كل واحدة يومًا بلا نزاع، وإن اختار الدم فهو محل الأقوال وتعليلها مذكور في كلامهم.
وهذا الذي ذكرته من تصوير المسألة جزم به صاحب "البيان". كذا رأيته في كتابه المسمى "بالسؤال عما في المهذب من الإشكال". والذي قاله متعين لا محيد عنه، وقد تبعه عليه ابن أبي الضيف في "نكت التنبيه" والطبري شارح "التنبيه" وقال أنه مما لا يمكن دفعه.
قوله: ولو أغمي عليه مخلق ففيه قولان منصوصان.
والمجنون والصبي الذي لا يميز كالمغمي عليه. انتهى ملخصًا.
والصحيح في المسائل كلها عدم الوجوب. كذا صححه النووي في "شرح المهذب" ولم يصحح في "الروضة" شيئا، إلا أن الرافعي لما ذكر هذا الخلاف في قتل الصيد أيضًا صحح هناك من زياداته عدم الوجوب فيه، وهو نظير ما نحن فيه؛ لاشتراك الجميع في الإتلاف.