يحاذي الميقات أو فوقه وانتهى إلى الميقات على قصد النسك وإلا لم يصح تعليله لأنه قد تجاوز الميقات بحاجة ثم يعن له عند انتهائه إلى المكان الذي أحرم منه بالآداء أن يحرم بالقضاء.
ثم إن كلام الرافعي نفسه يرشد إلى هذا التصوير فإنه قد علل في أثناء تقسيم المسألة بقوله: وليس له أن ينشئ ثانيًا؛ فصار أول كلامه يخالف آخره.
وقد قطع الماوردي بوجوب الدم إذا رجع ثم عاد ومر بالميقات غير محرم، وقطع أيضًا بعدم الدم إذا كان أحرم بالأداء من (*) فخرج بالقضاء من مكة إلى ذلك الموضع فأحرم منه. وحكى الوجهين فيما إذا كان أحرم بالأداء من الحل فخرج من مكة إليه ولم يصل إلى الميقات فيجب عليه الدم على أحد الوجهين؛ لأن له أحد ميقاتين إما الحرم وإما ميقات بلده ولم يحرم من واحد منهما.
وهذا الذي قاله الماوردي ظاهر متجه، ويتعين حمل الوجهين في كلام الرافعي وغيره عليه أو على ما إذا عاد على قصد النسك، وتكون مجاوزة الميقات جائزة هنا على وجه لمحاكاة القضاء للأداء. وهذا الحمل هو الأقرب. لاسيما إلى التعليل المذكور في كلام الرافعي، وإلا كيف يستقيم الأخذ بظاهر ما قاله من تكليف الذهاب إلى الميقات إذا كان إحرامه بالأداء من مكة ثم أفسد وأقام به فإن أحدًا لا أظنه يوافق عليه.
وبما قاله الماوردي يظهر لك أن ما احتج به الرافعي للوجه الثاني ليس محل النزاع.
قوله: ولا يجب أن يحرم بالقضاء في الزمان الذي أحرم فيه بالأداء بل له التأخير عنه مثل أن يحرم مثلًا بالأداء في شوال له أن يحرم بالقضاء في ذي القعدة.