هذا التفصيل فأشعر كلامه أنه لم ير ذلك لأحد من أصحابنا، لكن رأيت في طبقات الموسوي التفليسي في ترجمة إسحاق بن صغير أن الدارقطني ذكره فيمن روى عن الشافعي فقال: سألت الشافعي عمن حلب عنزًا من الظباء وهو محرم، قال: تقوم العنز باللبن وتقوم بلا لبن فينظر نقص ما بينهما فيتصدق به. هذا لفظه.
قوله: أما الذي لا يؤكل فلا يحرم التعرض له وهو على أضرب منها ما يستحب قتله للمحرم وغيره وهو المؤذيات؛ كالفواسق الخمس؛ روي أنه -عليه الصلاة والسلام- قال:"خمس يقتلن في الحل والحرم: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور"(١). وفي معناها: الحية والذئب والأسد والنمر والدب والنسر والعقاب.
انتهى. فيه أمران:
أحدهما: أن ما ذكره هنا من استحباب قتل الفواسق الخمس قد ذكر في أوائل باب الأطعمة ما يقتضي مخالفته، وأن ذلك على سبيل الوجوب فقال: قال صاحب "التلخيص" وساعده الأصحاب: ما أمر بقتله من الحيوان فهو حرام، والسبب فيه: أن الأمر بقتله إسقاط لحرمته ومنع من اقتنائه، ولو كان مأكولًا لجاز اقتناؤه للقسمين وإعداده للأكل فمن ذلك الفواسق الخمس .. إلى آخره.
الأمر الثاني: أن النووي قد تابعه في "الروضة" على عد العقاب مما يستحب قتله، وجزم في "شرح المهذب" بأنه من القسم الذي لا يستحب قتله ولا يكره، وهو الذي فيه نفع ومضرة.
وهذا الثاني هو الذي جزم به القاضي أبو الطيب في تعليقه.
(١) أخرجه البخاري (١٧٣٢) ومسلم (١١٩٨) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.