للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"النهاية" قد حكاه عن "شرح التلخيص" للشيخ أبي على السنجي فقلده في ذلك من جاء بعده كالغزالي والرافعي والنووي، فراجعت "شرح التلخيص" فلم أجد الخلاف مذكورًا فيه على الوجه الذي نقله الإمام؛ فإنه نقل عن صاحب "التلخيص" جواز قطع الإذخر وما كان للدواء وما أنبته الآدميون. ثم قال ما نصه: فأما الثلاثة التي استثناها فقال: الإذخر أن يقطع لأن في الخبر أن العباس قال: يا رسول الله إلا الإذخر. فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إلا الإذخر فإنه لقيننا وبيوتنا" (١) فاستثنى ذلك لحاجتهم إليه في بيوتهم.

والثاني: قال: ما كان لدواء فله قطعه.

قلت: يحتمل إذا قطع أن تكون عليه القيمة؛ لأنه قطعه لحاجته فصار كما لو قتل الصيد للمجاعة.

واحتمل أن يكون الجواب على ما ذكر لأنه إنما أبيح له قطع الحشيش للقنو والبيوت وعلف الدواب للحاجة، وحاجته إلى الدواء أعظم من حاجته إلى علف الدابة، ولا تكون حاجته دون حاجة دابته؛ فلهذا قلنا: لا شئ عليه.

هذا لفظه بحروفه، ومن شرحه نقلته، وحاصله حكاية الخلاف في وجوب الجزاء وأن القطع جائز، وهو صحيح لا شك فيه، ولم يذكر الشيخ أبي على فيه غير ذلك، واحتمالات الأصحاب الوجوه وجوه، فلهذا جعلها الإمام وجهين.

الأمر الثاني: أن الخلاف المذكور في قطعه للدواء يجري فيما لو قطع للحاجة التي يقطع لها الإذخر كتسقيفه البيوت ونحوه.


(١) أخرجه البخاري (٣٠١٧) ومسلم (١٣٥٣) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.

<<  <  ج: ص:  >  >>