للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوب الحلق خلاف مبني على أن الحلق نسك أم لا. انتهى ملخصًا. تابعه عليه في "الروضة". وفيه أمران:

أحدهما: أن كلامه يوهم أنه لا يجب مقارنة النية للحلق إذا أوجبناه، والقياس وجوبه لما سبق، وقد جزم به ابن الرفعة نقلًا عن الأصحاب، ويتلخص منه أنه لابد من النية مرتين فاعلمه؛ ولهذا ذكر الرافعي بعد ذلك أنه إذا لم يجد الهدي يتحلل بالنية والحلق، وذكر نحوه في الكلام على تحليل العبد. ويتجه أن يقال: إن لم يقدر على الهدي وجبت مقارنة النية للحلق؛ لما سبق، وإن قدر عليه فتكفي مقارنة النية له كما يكفى اقتران النية بأول الوضوء والصلاة وغيرها.

الأمر الثاني: أنه لابد من تقديم الذبح على الحلق كما صرح به الماوردي وغيره؛ ويدل عليه قوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (١).

قوله: وإن لم يجد الهدي إما لإعسار أو غيره فهل له بدل؟ فيه قولان يأتي ذكرهما: أصحهما: نعم وهو الإطعام بقيمة الشاة فإن عجز فصوم التعديل.

فإن قلنا: إن دم الإحصار له بدل، فإن كان بطعم فيوقف التحلل عليه كتوقفه على الذبح، وإن كان يصوم فكذلك مع ترتيب الخلاف، ومنع التوقف هاهنا أولى لأن الصوم يفتقر إلى زمان طويل فتكون المشقة في الصبر على الإحرام أعظم أي: بخلاف الذبح. انتهى كلامه.

ذكر مثله في "الشرح الصغير" وتابعه عليه النووي في "الروضة"، وهو كلام غير مستقيم؛ لأنه حكى الخلاف في الصوم وجعله مرتبًا على الخلاف في الذبح ثم فرق، والخلاف في الذبح لم يتقدم له ذكر، بل جزم بتوقف


(١) سورة البقرة: ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>