ثم قال ما نصه: وعلى هذا فلو لم يبن مع الإمكان فعليه القضاء. نقل الإمام فيه وجهين. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن النووي قد اختصر هذا الكلام في "الروضة" بقوله: وجب القضاء، وقيل: فيه وجهان، فزاد طريقة قاطعة وصححها وسببه إيهام قول الرافعي فعليه.
ولا شك أن همزة الاستفهام هنا مقدرة، والأصل: أفعليه، ولكن حذفها جريًا على عادة الناس في تعبيرهم التعبير المتداول الذي لا ينكر، وكيف اختصره على هذا والموجود في نسخ الرافعي نقل بلا واو، ولم يتعرض للمسألة في "الشرح الصغير".
الأمر الثاني: أنه كيف يتأتى التردد في وجوب القضاء؛ لأن صورة المسألة فيما إذا كان الإحصار بعد الوقوف، والحصر المبيح للتحلل حينئذ لا يتأتى إلا بالنسبة إلى الطواف خاصة؛ لأن الحلق لا يختص بمكان ولا زمان والواجبات كالرمي والمبيت تنجبر بالدم فلذلك قالوا: لا يتحلل منها، ولا يأتي فيها القولان في أنه هل ينبني أم لا؟ كما قاله الرافعي في الكلام على الاستئجار للحج.
وإذا علم أن المراد بالحصر هنا إنما هو عن الطواف والطواف لا آخر لوقته وإذا لم يكن لوقته آخر لم يتصور فواته، وإذا لم يتصور الفوات لا يتصور الخلاف في وجوب القضاء.
فإن قيل: يتكلف ويفرض المسألة فيما إذا تعذر منه الطواف بالموت؟ قلنا: التفريع على جواز البناء؛ وحينئذ فيستأجر الورثة عنه من يقوم بهذا الذي فاته، ويبني فعله على فعله كما لو لم يكن محصرًا وأخر الطواف بلا عذر.