الأمر الثاني: أن ما نقله عن القاضي صريح في حكاية قولين في نقل الزكاة عند فقدان الأصناف.
وهو غلط لا ذكر له في كلام القاضي ولا في كلام غيره؛ فإن الذي في "فتاويه" بعد ذكر جوابه بعدم النقل ما نصه: قيل له على القول الذي يقول لا يجوز نقل الصدقة فإذا عدم المستحق له النقل كذا هاهنا، أجاب: ليس في الكتاب ولا في السنة أن الصدقة يجب صرفها إلى أهل ناحية بعينها؛ فلهذا جاز النقل، وهذا منصوص على أنه مصروف إلى فقراء الحرم.
هذا لفظه. فعبر عنه النووي بعبارة أفسدت المعنى فاعلمه.
قوله: والهدايا التي يسقها المحرم هل يختص ذبحها بوقت الأضحية؟ فيه وجهان: أظهرهما وهو ما أورده الغزالي والعراقيون أنها تختص كالأضحية.
ثم قال بعد ذلك: إن سوق الهدي مستحب لكل من قصد مكة بحج أو عمرة. . . . إلى آخر ما قاله.
تابعه عليه في "الروضة"، وفيه أمران.
أحدهما: أن هذا الكلام كالصريح، وأن ما يسوقه المعتمر يختص أيضًا بوقت الأضحية على الصحيح.
ولا يمكن القول بذلك؛ فإنا لا نشك أنه -عليه الصلاة والسلام- لما أحرم بالعمرة عام الحديبية وساق الهدي إنما قصد به ذبحه عقب تحلله وأنه لا يتركه بمكة حيًا ويرجع إلى المدينة، وقد أشار الرافعي قبل هذا بقليل إلى ما يعضد ما ذكرناه، فإنه قال في دماء الجبرانات: إن الأفضل للحاج ذبحها