أحدها: أن ما ذكره في الفسخ بالعنة من تعين الحاكم فيه مناقض لما ذكره في كتاب النكاح، فإنه صحح جواز انفراد المرأة بالفسخ بعد ثبوتها بين يدي الحاكم، وسأذكر لفظه في موضعه.
وحذف التعليل من "الروضة" فسلم من الاختلاف.
الثاني: أن حكاية الخلاف في جواز الفسخ لأحدهما واضحة.
وأما بالنسبة إليهما معًا فسهو، لأن المتعاقدين يجوز لهما الفسخ بلا سبب، بلا خلاف، فما ظنك عند وقوع الاختلاف.
وقد صرح بالمسألة في الكلام على الإقالة، وهو في أثناء خيار النقض فقال: إنه يجوز لهما رفع العقد، بلفظ الفسخ، ولم يحك فيه خلافًا، ونقله هو في هذا الباب بعد هذا بقليل، وقال: إنه لا شك فيه، والموقع في هذا الوهم لمن وقع فيه أن بعض الأصحاب عبر بقوله: لأحدهما، وبعضهم عبر بقوله: لهما، وهو يريد ما أراده الأول -أي كل منهما على البدل- فجمع بينهما.
فتلخص أن الخلاف إنما هو بالنسبة إلى أحدهما خاصة.
الأمر الثالث: أن ما صححه من جواز الفسخ لأحدهما قد سبقه إلى تصحيحه الغزالي والجرجاني.
وأما الأول فصححه الأكثرون، منهم القاضي حسين والقاضي أبو الطيب وابن الصباغ والمتولي والروياني والشاشي في "الحلية" والهروي في "الإشراف" والغزالي في "الخلاصة" وابن أبي عصرون.
قوله: قال الإمام: وإذا قلنا: الحاكم هو الذي يفسخ فذاك إذا استمرا على النزاع، ولم يفسخا أو التمسا الفسخ.
أما إذا أعرضا عن الخصومة، ولم يتفقا على شيء ولا فسخا ففيه تردد. انتهى.