ثم إن ما قاله -أعني الماوردي- إنما يأتي إذا كان صاحب الدين رشيدًا، فإن كان أيضًا محجورًا عليه حرم التأخير، لأن [إثم ولى](١) المستحق بالتأخير لا يكون عذرًا لمن يجب عليه الوفاء سواء كان هو المديون أو وليه.
واعلم أن الأصحاب قد قالوا في كتاب الجنائز: أنه تجب المبادرة إلى وفاء دين الميت تبرئة لذمته، وخوفًا من تلف ماله.
ويتجه تخصيص ذلك بما إذا كان الميت مكلفًا، فإن لم يكن كان على مالكه.
ولقائل أن يقول: يعدى ذلك إلى المكلف أيضًا.
وإذا علمت جميع ما تقدم فيتلخص منه أن الدين على أقسام:
أحدها: أن يكون محجورًا على مثله.
الثاني: عكسه.
الثالث: لرشيد على محجور.
الرابع: بالعكس.
وإذا كان على مكلف فقد يكون حيًا، وقد يكون ميتًا كما تقدم. وأيضًا فقد يكون المستحق عالمًا به، وقد لا يكون، والذي لا يعلم به مستحقه يكون الإعلام فيه كالأداء في الجواز وأيضًا فالواجب قد يكون رضي صاحبه بتأخيره بمثابة الأداء أيضًا.
وينشأ مما ذكرناه أقسام كثيرة لا يخفى حكمها مما سبق.
قوله: وغير المفلس من المديونين إذا امتنع من قضاء الدين وبيع المال فيه يبيع الحاكم ماله ويقسمه بين الغرماء، وعند أبى حنيفة لا يبيعه بل يحبه. انتهى كلامه.