وقد صرح -أعني الرافعي- بذلك في كتاب النكاح، وكذلك الجرجاني في "المعاياة" هنا، وفرق بينها وبين تجدد الولد، بأن الزوجة تجددت باختياره بخلاف الولد.
فإن قيل: إن الرافعي قد قال في باب الحجر: إن السفيه إذا أقر بنسب، فإنه يثبت وينفق على الولد المستلحق من بيت المال، فهل يستثني أيضًا ذلك من هذا الباب؟ قلنا: لا، بل الأمر علي ما أطلقوه، ويستحق المذكور النفقة، فإن إقرار السفيه بالمال وبما يقتضيه لا يقبل بخلاف إقرار المفلس، فإنه مقبول على الصحيح فغايته هاهنا أن يكون قد أقر بدين، وإقراره به مقبول، ويجب أداؤه فبطريق الأولى وجوب الإنفاق لأنه وقع بطريق البيع، ويغتفر في الأمور التابعة ما لا يغتفر بطريق الأصالة، لثبوت النسب بشهادة النسوة بالولادة.
قوله: وأما قدر نفقة الزوجات، فقال الإمام: لا شك أن نفقته نفقة المعسرين.
وقال الروياني: نفقة الموسرين، وهذا قياس الباب إذ لو كان ينفق نفقة المعسر لما أنفق على القريب. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: ذكر الشافعي في "المختصر" ما يوافق كلام الإمام فقال: أنفق عليه وعلى أهله كل يوم أقل ما يكفيهم من نفقة، وكسوة، هذا كلامه.
ونقله عنه في "الروضة" وقال: إنه يرجح كلام الإمام.
الثاني: أن استدلال الرافعي بما قاله استدلال عجيب، لأن اليسار المشروط في نفقة الزوجة غير اليسار المشروط في نفقة القريب، كما ذكره