لو قال الغرماء للقصار: خذ أجرتك ودعنا نكون شركاء صاحب الثوب، أجبر على الأصح كالبائع إذا قدمه الغرماء بالثمن، وكأن هذا القائل يعطي القصارة حكم العين من كل وجه. انتهى كلامه.
وما جزم به هاهنا من لزوم الإجابة عند تقديم الغرماء بثمنه غريب، وجعله هذا الحكم أصلًا لمسألة صحح فيها أنه يجبر أغرب، فقد تقدم في الكلام على الرجوع ترجيح جواز الفسخ عند تقديم الغرماء بالثمن، وعبر بالصحيح، واصطلاحه في التعبير به أن يكون مقابله ضعيفًا، وهو تباين فاحش.
والرافعي قد ذكر مسألة القصارة على الصواب، ولكن اشتبه كلامه على النووي فأداه ذلك إلى الوقوع في هذا الاختلاف الفاحش، وذلك أن الرافعي قدر أن القصارة مملوكة للمفلس، مرهونة لحق الأجير.
ثم قال ما نصه: ذكر القاضي ابن كج أن أبا الحسين -يعني ابن القطان- خرج وجهين في أنه لو قال الغرماء للقصار: خذ أجرتك ودعنا نكون شركاء صاحب الثوب، هل يجبر عليه؟ وأن الأصح الإجبار.
وهذا الأصح ينطبق على قول أن القصارة مرهونة بحقه، إذ ليس للمرتهن التمسك بعين المرهون إذا أدى حقه.
ووجه الثاني: القياس على [البائع](١) إذا قدمه الغرماء بالثمن هذا كلام الرافعي. فقوله: ووجه الثاني -يعني عدم الإجبار- فإنه ذكر أولًا تصحيح الإجبار، وعلله، ثم ذكر الثاني وهو مقابله، وكأن النووي والله أعلم أراد أن يقول: والثاني: لا كالبائع إذا قدمه الغرماء بالثمن فنسي، فذكر التعليل دون الوجه فصار تعليلًا للأصح، فلزم الخلل المذكور.