عليه في "الروضة" فقال: قلت: إنما قاسه كثيرون على ما إذا وقف في الطريق، ثم فارق موقفه أو قعد للإستراحة أو نحوها، فلا يردّ اعتراض الإمام الرافعي. هذا لفظه.
وهو اعتراض عجيب، وذلك لأنه لا يصح القياس على القاعد للاستراحة ونحو ذلك كما فهمه النووي، لأن ما نحن فيه للدوام بخلاف ما ذكره، فتكون المسألة شبيهة بالقاعد للمعاملة، وبتقدير أن يريدوا ما ذكره يقول الرافعي لهم: ليس نظير ما ذكرتموه، ويذكر ما ذكره فسؤال الرافعي، وأراد على كل تقدير، ويلزمهم أن يفرقوا، وفرق في "المطلب": بأن إشراع الجناح إنما كان بطريق البيع لاستحقاق الطروق، وعند السقوط استحقاق الطروق ثابت لكل من المسلمين، فكذلك من سبق إليه كان أحق به لمشاركته في السبب، والانتفاع بالمقاعد ليس بيعًا لغيره، فكذلك من سبق إليه كان أحق به ما لم يعرض، وهذا الفرق ظاهر الضعف، وقول النووي:(إنما قاسه كثيرون على كذا وكذا) فغير مسلم به، بل صرحوا بالقياس على ما ذكره الرافعي، ومنهم الشاشي في "المعتمد" باللفظ الذي ذكره الرافعي بعينه، ومنهم صاحب "البحر" وغيره.
قوله في أصل "الروضة" والشوارع منفكة عن الملك والاختصاص، ثم قال: قال الإمام: ومصير الموضع شارعًا له صورتان.
إحداهما: أن يجعل الرَّجل ملكه شارعًا وسبيلًا.
والثانية: أن يجيء جماعة بلدة أو قرية وتركوا مسلكًا نافذًا من الدور والمساكن، ويفتحوا إليه الأبواب، ثم حكى عن شيخه ما يقتضي صورة ثالثة، وهو أن يصير موضع من الموات جادة يستطرقها الرفاق، فلا يجوز تغييره، وإن كان يتردد في ثنيات الطريق التي يعرفها الخواص ويسلكونها.
قال الإمام: ولا حاجة إلي لفظ في مصير ما يجعل شارعًا. انتهى