واعلم أن تصحيح المطالبة بالخلاص مع تصحيح عدم الحبس كالمتنافي، لأنه إذا علم أنه لا يحبس لم يبال بالمطالبة بالخلاص، فلا يبقى لها كثير فائدة، حتى قال في "المطلب": إنه لا يرسم عليه أيضًا، والمتجه عند من أثبت له حق المطالبة بالخلاص: أن يجوز حبسه عند امتناعه من هذا الحق.
قوله: ولو ضمن بغير إذن وأدى بإذن، فأصح الوجهين: أنه لا يرجع، فلو أذن في الأداء والحالة هذه شرط الرجوع، ففي الرجوع احتمالان للإمام في "الروضة" فقال: الأصح أنه يرجع.
وهذه المسألة قد ذكرها الماوردي، وجزم بالرجوع، لكنه صور المسألة بما إذا قال: أدِّ عني ما ضمنته ليرجع به عليه أعني بزيادة قوله: (عني) -والظاهر أن هذه الزيادة ليست للتقييد ويتجه أن يقال في أصل "الروضة": إنه إن أدى لأجل الضمان لم يرجع، وإن أدي لأجل الأذن رجع.
وهو نظير ما قاله بعضهم في العبادة المكره عليها إن أتي بها لداعي الإكراه لم تصح أو لداعي الشرع صحت، ولم يذكر المسألة في "المحرر"، ولا في "الشرح الصغير".
قوله: فإن كان ما دفعه إلى رب الدين من جنس الدين وعلى صفته رجع به. انتهى.
ومقتضاه أنه يرد المثل في المتقدم أيضًا، وهو كذلك.
فاعلمه، فقد صرح الرافعي بعد هذا بأن الأداء في ضمنه إقراض المؤدى عنه، والصحيح في القرض رد المثل، وذكره الإمام هنا بحثًا فقال: لا يمنع تخريجه عليه، كذا نقله عنه الرافعي في الكلام على ضمان المجهول، وقد صرح -أعني الإمام- بحكاية ذلك عن رواية القاضي في أوائل السلم.