الأمر الثاني: أن ما ذكره في "الروضة" من تقليد الرافعي البغوي في ما تفرد به من طرد الوجهين غريب، فإن الوجهين ثابتان قديمًا عند ابن سريج فمن بعده.
وممن حكاهما عن ابن سريج صاحب "البحر".
الأمر الثالث: أن محل الخلاف في هذه الصورة هو فيما إذا أمره السيد ليتوكل لغيره.
فأما إذا قال: إن شئت فوكل لفلان، وإن شئت فلا، ثم أعتقه أو باعه فلا ينعزل قطعًا كالأجنبي، كذا قاله ابن سريج، ونقله عنه الروياني في "البحر"، وجزم به أيضًا الشيخ أبو حامد والمحاملي وغيرهما، وكذلك صاحب "البيان"، ونقله في "الروضة" عنه خاصة، وأقره.
واقتصاره عليه مع شهرة هذه الكتب غريب، ونقل الشيخ أبو محمد عن ابن سريج في عبد نفسه مثله أيضًا.
الأمر الرابع: أن الرافعي قد ذكر في معاملة العبيد أنه لا يصح توكيل العبد في البيع والشراء بغير إذن سيده على الأصح لما فيه من تعلق العهدة، وأشار في أوائل هذا الباب إلى ذلك أيضًا.
وتبعه النووي عليه قال: بخلاف قبول النكاح.
وحينئذ فكيف يصح التصرف بغير استئذان السيد فيما إذا وكل عبده ثم باعه أو عبد غيره وباعه مالكه، وقلنا ببقاء الوكالة.
فأما إذا تنزلنا وقلنا ببقاء الوكالة فيزول المانع من جهة صاحب السلعة، وهو الموكل، فما الذي أزال مانع السيد، وهو تعلق العهدة.
واعلم أن انتقال الملك إلى الورثة بموت السيد يشبه انتقاله بالبيع،