للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال بأنه يكون إقرارًا، كذا رأيته في الكتاب الذي نقل عنه، ومصنفه ببعض أصحاب العبادى وهو "الإشراف" للهروي نقلًا عنه، ورأيت فيه الفرقال في ذكره الرافعي، وهو يقتضي أن الوعد في المضارع العاري عن لا أقرب من المقترن بها، وهو بالعكس لأن النحاة مع تسليمهم أن المضارع المثبت يحتمل الحال والاستقبال، اختلفوا في المنفي بلا.

فذهب جمهورهم إلى اختصاصه بالاستقبال، وقال: الأقلون هو باق على الاحتمال، وصححه ابن مالك.

وللمسألة إلتفات أيضًا إلى أن المشترك هل يحمل على جميع معانيه عند الإطلاق أم لا؟ فإن حملناه -وهو مذهب الشافعي- اتجه القول بأنه إقرار مع المثبت والنفي، لأن المضارع مشترك بين الحال والاستقبال.

قوله: ولو قال: أبرأني عنه فإقرار، وقيل: لا لقوله تعالى في حق موسى -عليه الصلاة والسلام-: {فَبَرَّأَهُ اللَهُ مِمَّا قَالُوا} (١) وتبرأته عن عيب الأدرة لا تقتضي إثباته هنا. انتهى.

واعلم أن الأدرة بهمزة مضمومة ودال مهملة ساكنة وراء مهملة هي نفخة في الخصية كما سبق إيضاحه في باب الأحداث، وكان موسى -عليه السلام- يستتر عند غسله فكانت بنو إسرائيل يقولون: إنه آدر، فجاء ليغتسل يومًا فوضع ثوبه على حجر فمشي الحجر بثوبه إلى أن أتى إلى مكان فيه ملأ من بني إسرائيل -أى أشرافهم- فتبعه موسى -عليه السلام- وجعل يضربه ويقول: ثوبي حجر -أي: دع ثوبي يا حجر- فرأه بنو إسرائيل، وليس به عِلّة" (٢) رواه مسلم في "صحيحه" بعبارات مختلفة.

قوله: اللفظ وإن كان صريحًا في التصديق فقد تنضم إليه قرائن


(١) سورة الأحزاب: ٦٩.
(٢) أخرجه البخاري (٣٢٢٣) ومسلم (٣٣٩) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>