فإن قيل: المقر في العرف أراد التبرى عن جميع المطالبات.
قلنا: هذا ليس بشيء، لأن دليل العرب لا يعارض صريح دليل النطق، وهو قد نطق بالتخصيص فوجب أن يصدق في مقالته، هذا موضع الحاجة من كلامه، وهو صريح فيما ذكرناه من وجوه.
ولو راجع النووي أو غيره من المعترضين عند الإشكال أمثال هذه المواضع لم يذكروا ما ذكروه.
وقد وافق ابن الصلاح في "فتاويه" على القبول مع اليمين فيما إذا ادعى أنه نسيه، واستدل عليه بمسألة ذكرها الرافعي قبل هذا، وهى أنه لو قال: لا حق لي في شيء مما في يد فلان، ثم ادعى شيئًا، وقال: لم أعلم كونه في يده يوم الإقرار، فإنه يصدق بيمينه.
وذكر أيضًا في "فتاويه" مسألة أخرى، وهى أنه لو استأجر عينا وسلم الأجرة، وأقر أنه لا حق له على المؤجر، ثم بان فساد الإجارة، فلو طلب الأجرة ولا يدخل ذلك في الإشهاد، لأنه أشهد بناء على ظاهر الحال كما لو قال: هذه العين ملكى اشتريتها منه، ثم بان خلافه والله أعلم.