للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتفقه عليه هناك جماعة ثم عاد إلى دمشق سنة سبعين في دولة الملك الناصر صلاح الدين فولاه القضاء بها، ثم عمي في سنة سبع وسبعين، وصنف جزءًا في "ولاية القضاء للأعمى"، فولى السلطان ولده، ولم يعزل الوالد جبرًا له، وبنى له نور الدين مدرسة بحلب وأخرى بدمشق وبها قبره.

وله مصنفات عندي منها: "الانتصار" في ثلاث مجلدات كبار، و"المرشد" في جزئين، و"فوائد المهذب" في جزأين أيضًا، و"التنبيه" في جزء واحد وعليه خطه بقراءة بعض أصحابه عليه، وهو دون تنبيه الشيخ أبي إسحاق وله شعر حسن ومنه:

كل جمع إلى الشتات يصير ... أي صفوٍ ما شابه تكدير

أنت في اللهو والأمان مقيم ... والمنايا في كل وقت تسير

ويحك يا نفس اخلصي إن ربي ... بكل ما أخفيه بصير

كُلُّ جَمْعٍ إِلَى الشَّتَاتِ يَصِيرُ ... أَيُّ صَفْوٍ مَا شَابَهُ تَكْدِيرُ

أَنْتَ فِي اللَّهْوِ وَالأَمَانِ مُقِيمٌ ... وَالْمَنَايَا فِي كُلِّ وَقْتٍ تَسِيرُ

وَيْكِ يَا نَفْسُ أَخْلِصِي إِنَّ رَبِّي ... بِالَّذِي أَخْفَتِ الصُّدُورُ بَصِيرُ

وله أيضًا:

أأمل أن أحيا وفي كل ساعة ... تمر بي الموتى تهز نعوشها

وما أنا إلا منهم غير أن لي ... بقايا ليال في الزمان أعيشها

وقال ابن الصلاح في "طبقاته": كان من أفقه أهل عصره وإليه المنتهى في الفتوى والأحكام، وتفقه به خلق كثير.

ولد في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، وتوفي في شهر رمضان سنة خمس وثمانين وخمسمائة. انتهى كلامه.

ورأيت في "تاريخ بغداد" لابن الدبيثي نقلا عن القاسم ولد الحافظ أبي القاسم ابن عساكر: أنه ولد سنة ثنتين وتسعين، ونقل عنه في

<<  <  ج: ص:  >  >>