أحدهما: أن صاحب "التتمة" إنما حكى الوجهين في كونه ضامنًا، ولم يحكهما في كونه غاصبًا.
بل لا يصح منه حكايتهما في ذلك، فإنه قد صرح بعد هذا بأن شرط الغصب في المنقولات حصول الاستيلاء، فإن لم يوجد لم يكن غاصبًا، وإن وجد الضمان، فقال: لو كان بين يديه شيء من المنقولات فأخذه إنسان لينظر هل يصلح له ليشتريه أو ليعمل لنفسه مثله، وتلف في تلك الحالة ضمنه.
ولو دخل دارًا لينظر هل تصلح له ليشتريها أو يبني لنفسه مثلها فانهدمت في تلك الحالة لا ضمان عليه على الصحيح.
قال: وهذه المسألة تعلقت بها الحنفية في أن الغصب هو النقل، وليس الموجب [هو](١) التفرقة، قالوا: لأنا لا نقول: إن الضمان الثابت في المنقولات ضمان غصب؛ لأن ضمان الغصب ضمان عدوان.
وإذا لم يقصد منع المالك لا يوصف بالعدوان ولكن قبض ارتفاق.
وما نقله عن المتولي في رفع المنقول من الضمان قد نقله عنه أيضًا الرافعي بعد هذا بقليل وسنذكره، ونذكر أن المشهور خلافه.
الأمر الثاني: أن الرافعي لم يصحح شيئًا فيها إذا لم يقصد الاستيلاء كما تقدم، بل كلامه يشعر بأن الصحيح أنه ليس بغاصب، فإنه قد غاير بين المسألتين في الحكم مع اشتراكهما في الوجهين.
وقد اختصر النووي في "الروضة" ذلك على غير وجهه، وصحح أنه غاصب مطلقًا.
فقال: أصحهما أنه غاصب سواء قصد الإستيلاء أم لا.
قوله: في المسألة قال: يعني صاحب "التتمة"، وهذا إذا كان المالك غائبًا،