والثاني: ذكر الشيخ عبد الكريم الشالوسي أنه إن نوى القارئ بقراءته، أن يكون ثوابها للميت لم يلحقه، وإن قرأ ثم جعل ما حصل من الأجر له فهذا دعاء بحصول ذلك الأجر للميت فينفع الميت. انتهى.
فيه أمور:
أحدها: أن الرافعي قد ذكر في كتاب الوصية عن القاضي أبي الطيب طريقا ثالثًا يأتي الكلام عليها في ذلك الموضع، وهي أن الميت كالحي الحاضر فيرجى له الرحمة ووصول البركة ولهذا قال النووي هنا من زياداته: المختار صحة الإجارة مطلقًا، فإن موضع القراءة موضع بركة وتنزيل الرحمة.
الأمر الثاني: أن القارئ له حالتان: إحداهما أن يجزم بالجعل.
والثانية: أن يدعو به، والتصوير الذي ذكره الرافعي قد رأيته هكذا في فتاوى الحناطي نقلا عن الشالوسي لكنه يقتضي الأول، والحكم الذي أجاب به يقتضي الثاني.
وقد وافق في "الروضة" على ذلك، ثم خالف في "الأذكار".
فقال: المختار أنه يدعو بالجعل، فيقول اللهم اجعل ثوابها واصلًا لفلان.
ولنذكر عبارة فتاوى الحناطي لينظر فيها من ينظر.
فنقول: قال ما نصه: قال الشيخ الإمام دوير الكرخي سمعت شيخي عبد الكريم الشالوسي يقول: إن القارئ إن نوى بقراءته أن يكون ثوابها للميت لم تلحقه، إذ جعل له قبيل حصوله، وتلاوته عبادة البدن فلا تقع عن الغير، وإن قرأ ثم جعل ما حصل من الثواب للميت يبلغه، إذ قد جعل ما حصل من الأجر لغيره، والميت يؤجر بدعاء الغير هذا كلامه.