أما الأول: وهو استدلاله بقوله لأنهما لو اختلفا في أصل الإذن لكان القول قول المالك فكذلك إذا اختلفا في صفته، فجوابه: أن المتبايعين لو اختلفا في أصل البيع كان القول قول المنكر بلا نزاع، ولو اختلفا في صفته فإنهما يتحالفان، ولو قلنا بهذا لبطلت مسائل التحالف كلها وتعطلت قاعدته وارتفع، بابه ثم إنا في التحالف قد أعملنا هذه القاعدة بعينها لأن البائع مثلا إذا قال بعتك بعشرة، فقال المشتري بل بخمسة فكل واحد منهما لما كان القول قوله في نفي العقد كان القول قوله في صفته، ولهذا أحلفنا كلا منهما على إثبات ما يقوله، ونفي ما يقوله الآخر، لأنا جعلنا القول قوله ولكن مع يمينه لاحتمال، فلو لم يجعل القول قوله لم نحلفه فلما قبلنا قول كل منهما في التحالف مع يمينه لأجل أن من كان القول قوله في شيء كان القول قوله في صفة ذلك الشيء، ولم يكن لأحدهما مرجع على الآخر فسخنا العقد.
وأما الثاني: وهو استدلاله بقوله كما لو قال دفعت هذا المال إليك وديعة فقال: بل رهنا أو هبة فإن المصدق هو المالك فذهول عجيب أيضًا، لأن التحالف إنما يشرع إذا اتفقا على العقد الواحد واختلفا في صفته وقد وجد ذلك في مسألتنا دون هذه المسألة.
وأما الثالث: وهو إستدلاله بقوله لأن الخياط معترف بأنه أحدث نقصًا في الثوب ويدعي أنه مأذون، والأصل عدمه فعجيب لأنا لا نسلم أن الأصل عدمه ولهذا حلفنا المالك على عدمه وحلفناه هو على عدم ما يقوله المالك، ثم فسخنا لعدم ترجيح أحدهما على الآخر.
وهكذا مسائل التحالف كلها فإن الأصل عدم اشتراط الخيار والأجل والرهن والضمان مع مشروعية التحالف لما ذكرناه.
وأما الرابع: وهو استدلاله بقوله لأن الخياط يدعي أنه أتى بالعمل الذي استأجره عليه والمالك ينكره فأشبه ما إذا استأجره لحمل متاع فقال الأجير حملت وأنكر المالك فأعجب مما قبله لأن التحالف إنما شرع عند الاتفاق