قوله: وإنما حمى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النقيع لإبل الصدقة. . . . إلى آخره.
النقيع هنا بالنون عند الجمهور، وصوبه النووي، وقال بعضهم: إنه بالباء كبقيع الغرقد، وهو موضع يستنقع فيه الماء، أي يجتمع على نحو عشرين ميلًا من المدينة وفيه مسجد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قوله: ولا يجوز لغير النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الأئمة أن يحمي لنفسه، وفي جوازه لمصالح المسلمين قولان: أصحهما الجواز لأن عمر - رضي الله عنه - حمى واستعمل علي الحمي مولى له يقال له: هنى، وقال: يا هنى أضمم جناحك للمسلمين، واتق دعوة المظلوم فإنها مجابة، وأدخل رب الصريمة والغنيمة، وإياك ونعم ابن عفان وابن عوف، فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى نخل وزرع، وإن رب الغنيمة والصريمة إن تهلك ماشيته يأتني بعياله فيقول: يا أمير المؤمنين لا أبا لك فالماء والكلأ أيسر علي من الذهب والورق، وأيم الله لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت شبرًا (١). انتهى.
وهذا الأثر صحيح رواه الشافعي عن غير واحد من أهل العلم، والبيهقي وغيرهما.
وهني: بهاء مضمومة ونون مفتوحة بعدها ياء مشددة.
وقوله: اضمم جناحك، أي: كف يدك عن المال والأبدان، والجناح هو اليد، قال تعالى:{وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ}[القصص: ٣٢]، أي يدك فإذا ضمها كفها.
وقوله: واتق دعوة المظلوم، كناية لطيفة عن النهي عن الظلم.
(١) أخرجه مالك (١٨٢٨) والبخاري (٢٨٩٤)، والشافعي (س ١٧٥٣)، وابن أبي شيبة (٦/ ٤٦١)، والبيهقي في "الكبرى" (١١٥٨٩).