قوله: وأما المسجد والجلوس فيه يكون لأغراض منها أن يجلس ليقرأ عليه القرآن، أو ليتعلم عنه الفقه أو يستفتي.
قال صاحب "الكتاب" والشيخ أبو عاصم العبادي: الحكم فيه كما في مقاعد الأسواق، وهو أشبه بمآخذ الباب، وحكى أقضى القضاة الماوردي أنه مهما قام بطل حقه وكأن السابق إليه أحق، انتهى.
وهذا الخلاف الذي حكاه في التحاق هذا بمقاعد الأسواق أخذًا له من خلاف الماوردي ليس بصحيح فإن الماوردي قد خالف أيضا في مقاعد الأسواق، وقال: إنه مهما قام بطل حقه وإنما يصح ما حكاه الرافعي من الخلاف إن لو كان الماوردي قائلًا ببقاء الحق في مقاعد الأسواق.
نعم: حكى الماوردي في "الأحكام السلطانية" عن جمهور الفقهاء أنه يبطل حقه.
وعن مالك أنه أحق.
وهذا الكلام مقتضاه أن الشافعي وأصحابه من الجمهور.
قوله: ومنها: الجلوس للبيع والشراء والحرفة وهو ممنوع منه إلى آخره.
تابعه في "الروضة" على التعبير بلفظ المنع، وهل المراد به التحريم أو الكراهة أو خلاف الأولى؟ فيه كلام سبق ذكره واضحا في شروط الصلاة.
واعلم أن الجلوس في المسجد يكون لأغراض أخرى لم يذكرها، وقد ذكرها النووي في "الروضة" مع ما يتعلق بها فقال:
فمنها الجلوس للاعتكاف، وينبغي أن يقال له: الاختصاص بموضعه ما لم يخرج من المسجد إن كان اعتكافًا مطلقًا، وإن نوى اعتكاف أيام فخرج لحاجة جائزة ففي بقاء اختصاصه إذا رجع احتمال، والظاهر بقاؤه، ويحتمل أن يكون على الخلاف في ما إذا خرج المصلي لعذر.
ومنها: الجالس لاستماع الحديث والوعظ، والظاهر أنه كالصلاة فلا