الثاني: أن ما حكاه عن ابن كج احتمالًا هو وجه ثابت، فقد نقله الروياني في "البحر" عن ابن خيران.
قوله: فما جاز بيعه جازت هبته وما لا يجوز بيعه من مجهول أو معجوز عن تسليمه لا تجوز هبته، هذا هو الغالب وربما اختلفا، وفي التفصيل صور إلى آخره.
اعلم أنه -رحمه الله- لما ذكر الصور التي أشار إليها لم يذكر فيها شيئًا يخالف البيع إلا على وجه ضعيف، فيقتضي ذلك أنه لا يستثنى من القاعدة شيء وأن ما جاز بيعه جازت هبته وما لا فلا، ووقع نحوه في "الشرح الصغير" و"الحاوي الصغير" و"الروضة" وحينئذ فيستفاد منه أن هبة ما لا يتمول لقلته كحبتي الحنطة غير صحيحة وقد صرح به الرافعي في الباب الثاني من كتاب اللقطة في الكلام على أن واجد القليل هل يعرفه، ولم يذكره في "الروضة" هناك.
إذا علمت ذلك فقد ذكر النووي، في "المنهاج" هنا أنه تجوز هبة ذلك وأدخله في كلام الرافعي، ثم نبه عليه في "الدقائق" وصرح أيضًا بجوازه، وزاد علي ذلك فادعى أنه لا خلاف في الجواز وهو موضع غريب جدًا.
قوله في أصل "الروضة": والصحيح وبه قطع المتولي أنه لا يشترط في الهدية إيجاب ولا قبول. انتهى كلامه.
وما ادعاه من أن المتولي قد قطع بذلك غريب وباطل فقد حكى المتولي في "التتمة" هذا الخلاف في موضعين من هذه المسألة، والغريب أن النووي قد نقله عنه في "الروضة" بعد هذا بأسطر في الكلام على تأخير القبول.
قوله: في "الروضة" ويجري الوجهان في هبه الكلب وجلد الميتة قبل الدباغ والخمر المحترمة والأصح من الوجهين في هذه الصور كلها البطلان إلى أخره.