قوله: وفي "المهذب" أنه إذا وجد خمرًا أراقها صاحبها لم يلزمه تعريفها لأن إراقتها مستحقة فإن صارت عنده خلًا فوجهان:
أحدهما: أنها للمريق كما لو غصبها فصارت خلًا.
والثاني: للواجد لأنه أسقط حقه بخلاف الغصب، وهذا الذي ذكره تصويرا وتوجيها إنما يستمر في الخمر المحترمة, وحينئذ لا يكون إراقتها مستحقة، أما في الإبتداء فظاهر، وأما عند الواجد فينبغي أن يجوز إمساكها إذا خلا عن قصد فاسد، ثم يشبه أن يكون ما ذكره مخصوصًا بها إذا أراقها لأنه معرض، أما إذا ضاعت المحترمة من صاحبها فلتعرف كالكلب، انتهى كلامه.
فيه أمور:
أحدها: أن الأصح من هذه الوجهين أنها للواجد، كذا صححه النووي من زياداته في باب الغصب، وفي أصل "الروضة" في كتاب الصيد والذبائح.
الأمر الثاني: أن ما ذكره الرافعي من تصوير المسألة وتوجيهها إنما يستمر في الخمر المحترمة كلام عجيب على العكس فما يدل عليه كلام "المهذب"، وأما التصوير وهو وجود الخمر التي أراقها صاحبها فلا دلالة فيه لا على ما قاله ولا على خلافه، بل دلالته على خلافه أقرب لأن المحترمة وهي التي عصرت بقصد الخلية لا يريقها عاصرها غالبا، وأما التعليل فدال على عكس ما قاله لأن استحقاق الإراقة من المريق أو الواجد ينفي تصويرها بغير المحترمة فإن أراد التعليل المذكور للوجهين فلا يدل أيضًا، لأن غير المحترمة لو صارت خلًا في يد الغاصب لكانت للمغصوب منه كما ذكره في الغصب، وكذلك لو تخللت في يده لكان الخل ملكًا بطريق الأولى وكأنه -رحمه الله- ظن أن غير المحترمة إذا غصبها غاصب فتخللت عنده أن الخل يكون له، أو تمسك بقوله لأنه أسقط حقه والمراد أن حقه من هذا الخل قد