التوقف أن لا نوجبها ورد عليه النووي في هذا البحث، ثم صرح بعد ذلك بالخلاف في إتمامها نظرًا للتوقف في حريته وإسلامه.
نعم: لكلامه تأويل فيه قرب وهو أن يقال: مراده بالموضع الأول أنهم لما أوجبوا الدية جزموا بوجوبها كاملة واحتمال لقوة تمنع تكميلها وليس مراده أن الدية مجزوم بها، وأما الموضع الثاني فالخلاف فيه في أصل وجوبها لا في القدر إذا أوجبناها، فالكلام هنا في الأصل وهناك في القدر.
قوله: في أصل "الروضة" وإن كانت عمدًا، فإن قيل: بعد البلوغ والإفصاح بالإسلام، وجب القصاص قطعًا، وقيل: على قولين، ثم قال ما نصه: وإن قتل بعد البلوغ قبل الإفصاح فعلى الخلاف، وقيل: لا تجب قطعًا، لقدرته على الإفصاح الواجب هذا لفظه.
فيه أمور:
أحدها: أن ما ذكره في المسألة الأولى من تصحيح طريقة القطع مناقض لما ذكره في أول باب إستيفاء القصاص، فإنه جزم هناك بأن في وجوب القصاص يقبل ولا وارث له قولين، وأنهما سبقا هنا، وأشار إلى هذا الموضع، والرافعي -رحمه الله- سالم من هذا الإختلاف، فإنه لم يصحح هنا طريقة القطع، بل مقتضى كلامه أن القائلين بطريقة القولين أكثر عددا.
الأمر الثاني: أن كلام الرافعي صريح في أن المسألة الثانية كالأولى في الوجوب وهو غلط عجيب، فإنه قد قال قبل ذلك في الكلام على تبعية الأبوين في الإسلام أن المحكوم بإسلامه تبعًا لأبويه إذا بلغ ووصف الكفر كان مرتدًا علي المشهور حتى لا يقر عليه، ثم حكى بعد ذلك في وجوب القصاص بنقله قولين وقال: أظهرهما: لا يجب للشبهة وانقطاع التبعية، فإذا تقرر عدم الوجوب في المسلم تبعا لأبويه إذا بلغ وسكت لاحتمال دعوى الكفر الذي لا يقر عليه فكيف يعقل معه الوجوب في المسلم تبعًا