الموضع المذكور ولم يحك فيه خلافًا وتبعه عليه في "الروضة" وقد نص الشافعي -رحمه الله- في "الأم" عليهما، وصرح بالبطلان فيهما فقال في باب الكتابة في أول باب الوصية بالمكاتب ما نصه: قال الشافعي: وإذا أوصى الرجل بمكاتبه لرجل لم تجز الوصية لأنه لا يملك أن يخرجه عن ملكه إلى ملك غيره بحال ما كان على الكتابة.
قال: ولو عجز المكاتب بعد موته أو قبله لم تكن الوصية جائزة لأنه أوصى له به وهو لا يملك إخراجه إلى ملك الموصى له به، كما لو قال متى ماتت لفلان -لعبد ليس له- لفلان فلم يمت حتى ملكه لم يكن له حتى يحدث له بعد ملكه، وعجز المكاتب وصية به، هذا لفظ الشافعي بحروفه ومن "الأم" نقلته.
وأما المسألة الثانية وهي ما إذا قال: أوصيت بهذا العبد إن ملكته، فإنها تصح كما ذكره الرافعي في الموضع المذكور من كتاب الكتابة أيضًا، وأجاب أيضًا بمثله في الوصية بالمكاتب، ولنذكر لك عبارة الرافعي لتقف عليها، فتقول: قال ما نصه: أما الوصية بالمكاتب فهي جائزة على القول القديم الذي يجوز فيه البيع، وعلى الجديد باطلة لأنه ممنوع من التصرف في منفعته ورقبته فأشبه ما إذا أوصى بعبد الغير، فإن قال: فإن عجز مكاتبي فقد أوصيت به فالأصح الصحة كما لو قال: إن ملكت عبد فلان فقد أوصيت به، والإمام طرد الخلاف في هذه الصورة وجعلها أولى بالبطلان هذا كلامه، وفيه مخالفة للمذكور في الوصية من وجوه:
أحدها: وهو الصواب فكيف يكون في الوصية بمال الغير خلاف مع أنه لا يجوز بيعه ويجزم ببطلان الوصية بالمكاتب، إذا قلنا: لا يجوز بيعه، مع أن المكاتب إذا قلنا: لا يجوز بيعه لا يزيد حالة على ملك الغير بل هو أولى بالصحة لأنه ملكه.