أحدهما: صحة الرد لأنه تمليك من آدمى بغير عوض فيصح رده قبل القبض كالوقف، ويحكي هذا عن ظاهر نصه في "الأم"، وأظهرهما: المنع لأن الملك حاصل قبل القبض فلا يرتفع بالرد كما في البيع. انتهى كلامه.
ذكر مثله في "الشرح الصغير" أيضًا وفيه أمور:
أحدها: أن النووي في "الروضة" قد وافق الرافعي على تصحيح امتناع الرد وخالف في "تصحيح التنبيه" فصحح الجواز.
الثاني: أن المسألة قد صرح بها الشافعي في "الأم" وصرح ببطلان الرد على خلاف ما ذكره الرافعي من الحكاية عن ظاهر نصه فيها.
فقال في "الأم" في باب من يقع عليه الطلاق من النساء ما نصه: وتمام الميراث أن يموت الموروث قبضه الوارث أو لم يقبضه قبله أو لم يقبله لأنه ليس له رده، وتمام الهبة والصدقة أن يقبلها الموهوب أو المصدق عليه ويقبضها، وتمام الوصية أن يقبلها الموصى له وإن لم يقبضها، وتمام البيع أن لا يكون فيه شرط رد حتى يتفرقا عن مقامهما الذي تبايعا فيه، هذا لفظه بحروفه، وحينئذ فتكون الفتوى على ما في "الروضة".
الأمر الثالث: أن ما ذكره الرافعي من القياس على الوقف قد ذكره أيضًا في "الشرح الصغير" وكذلك النووي في "الروضة" ومقتضاه أنه يجوز للموقوف عليه رد الوقف بغير قبوله وهو باطل، وقد ذكر الرافعي، وكذلك النووي من "زياداته" في كتاب الوقف ما يوضح بطلانه، وقد تتبعت الأصول التي يستمد الرافعي منها قرائنه، قد استند في ذلك إلى صاحب "التتمة"، فإنه قد ذكر هذا الكلام على الصواب، وإنما حكاه الرافعي على غير وجه، فإنه قال فيها ما نصه: فأما إن أراد الرد بعد القبول فظاهر ما نص عليه في "الأم" أنه يصح رده وتوجيهه أن الغانمين ملكوا الغنائم بالاستيلاء، ثم لو تركوا حقهم سقط أي أهل الخمس والموقوف عليه ملك منافع الموقوف