وفيه وجه ثالث: أن ابن القاص قال: النصف يرجع إلي ورثة الموصى. انتهى كلامه.
فيه أمور:
أحدها: أن الرافعي في "الشرح الصغير" قد رجح الوجه الثاني فقال: وأقواهما: أن النصف لزيد والباقي للفقراء هذا لفظه وصحح النووي في أصل "الروضة" أنه يصرف إلى وجوه القرب، وعبر بالأصح وهو غريب فإن سياق كلام الرافعي يقتضي أنه غير معروف فضلًا عن تصحيحه ولهذا أنه لم يعده معه الأوجه بل لم يحكه في "الشرح الصغير" أصلًا.
الأمر الثاني: أن النووي قد أعاد المسألة أيضًا من زياداته عقب ذكرها في الأصل من غير فاصل غير أنه فرضها في الثلث كاملًا فقال: قلت: ولو قال: أوصيت بثلث مالي لله تعالى صرف في وجوه البر، ذكره صاحب "العدة".
وقال: وهو قياس قول الشافعي، هذا لفظه، وهو يوهم أن هذه المسألة أخرى.
الأمر الثالث: أن الرافعي قد ذكر في آخر الباب الأول من كتاب الوقف مسألة قريبة من هذه المسألة ليست مذكورة هنا فينبغي استحضارها فقال ما نصه واحتجوا لهذا القول بأنه لو قال أوصيت بثلث مالي واقتصر عليه تصح الوصية، وتصرف إلى الفقراء والمساكين، هذا لفظه، وتابعه عليه النووي على خلاف ما قاله هنا في المسألة السابقة، والفرق بينهما أن الموصي لما أطلق الوصية في الصورة المذكورة هنا، ولم يبين مصرفًا حملناه على الغالب وهم الفقراء بخلاف الصورة الأولى فإن تقييده بقوله لله يشعر بإرادة وجوه البر، لأن من أخرج مالًا في شيء منها صدق أن يقال أنه أخرجه لله تعالى.