ومسألة الهبة التي أشار إليها ذكرها قبل هذا بنحو كراس فقال: مسألة وهب المريض عبدًا قيمته مائة فمات في يد المتهب ثم مات الواهب ولا مال له، فعن ابن سريج وجهان:
أحدهما: تصحيح الهبة في جميع العبد لأنه لم يبق شيء يورث عنه فتجعل هبته كهبة الصحيح.
وأصحهما: أنها باطلة لأنها في معنى ولا تثبت الوصية في جزء ما لم يثبت الأرش في جزءين، فإن قلنا بالبطلان ففي وجوب الضمان على المنتهب وجهان، وجه الوجوب أنه قبض لنفسه وكانت يده كيد المستعير، والأشبه المنع، وليس كالمستعير فإنه قبض. انتهى كلامه.
وما نقله عن الأستاذ وأقره من كون المشهور هو الأول، وكذلك ترجيحه عدم الضمان علي الميت قد خالفهما معا في كتاب العتق في أول الخصيصة الثالثة وستقف عليه هناك.
قوله: المسألة الثانية أعتق المريض جارية قيمتها مائة ونكحها علي مهر مسمى فينظر إن تملك مالا أخر وكانت الجارية قدر الثلث بأن خلف شيئًا سواها فإن لم يدخل بها فلا مهر لأنها لو إستحقت المهر للحق دين التركة، وإن دخل بها قال الشيخ أبو علي: تخير إن عفت عن مهرها عتقت وصح النكاح وإن لم تعف فلها ذلك لأنه أتلف منفعة بضعها وحينئذ يتبين أن جميعها لم يعتق وأن النكاح فاسد ولها مهر ما عتق منها. انتهى كلامه.
تابعه في "الروضة" على ما نقله عن الشيخ أبي علي وهو الصحيح إذا فرعنا على أن العبرة إنما هو بالمال الموجود عند الموت، فإن قلنا: الاعتبار بوقت الوصية، فلا يتجه فساد النكاح لأن استحقاق المهر ونقصان الثلث به طاريء على العتق.