الصواب أنه حرام فقد ثبت في "صحيح مسلم"(١)، لعن فاعله، ونص عليه الشافعي في "الأم" فقال: والخبر عندنا يقتضي التحريم وجزم به البغوي، وقال النووي في "المنهاج" أنه الأصح، وفي "الروضة": إنه الأقوى، وفي "شرح المهذب"، إنه المختار، وفي "شرح مسلم": إنه الأظهر.
قوله: فيكتب على نعم الجزية: جزية أو صغار، وعلى نعم الصدقة: صدقة أو زكاة أو لله، نص عليه الشافعي -رضي الله عنه- واستبعده بعض من شرح "الكتاب"، لأن الدواب تتمعك في النجاسات، وتضرب أفخاذها بأذنابها وهي نجسة فلينزه اسم الله تعالى عنها، ورأيت هذا الاستبعاد لبعض المتقدمين ممن شرح "المختصر" ويجوز أن يجاب عنه بأن إثبات اسم الله تعالى هاهنا لغرض التمييز والإعلام لا على قصد الذكر والتبرك، ويختلف التعظيم والاحترام بحسب اختلاف المقصود ألا ترى أن الجنب يحرم عليه قراءة القرآن ولو أتى ببعض الفاتحة لا على قصد القراءة لم يحرم. انتهى ملخصًا.
وشارح "المختصر" المذكور الذي اتهمه ولم يصرح باسمه هو الداوودي المعروف بالصيدلاني واسمه: أبو بكر محمد بن داود بن محمد، وقد رأيت الإشكال المذكور في الشرح المشار إليه، وهو إشكال ظاهر، والجواب الذي ذكره الرافعي عنه جواب ضعيف، فإن الكتب وإن كان لقصد التمييز فلا يخرج به عن كونه معظمًا لكونه اسمًا من أسماء الله تعالى، وأما استدلاله بقراءة بعض الفاتحة فأضعف، فإنه إنما للجنب ذلك لكونه إذا لم يقصد القراءة لا يكون قرآنا، وحينئذ فلا يحرم وأما هنا فإنه، وإن قصد الإعلام فلا يخرج بذلك عن كونه اسمًا لله تعالى واسمه معظم، بل الإعلام بذلك
(١) أخرجه مسلم (٢١١٧) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -.