يعرف عدالة ظاهره ولا من لا يعرف حاله في الإسلام والحرية ظاهرًا وباطنًا هذا لفظه فجمع بين من لا يعرف عدالة ظاهره ومن لا يعرف إسلامه، وحكم عليهما بعدم الصحة، وتلخص منه أنه يشترط عنده في العدالة معرفتها ظاهرًا فقط، وفي الإسلام المعرفة ظاهرًا وباطنًا، فاستحال تفسير أحدهما بالأخر فذهل الرافعي عن أخر كلام البغوي فوقع فيما وقع.
الأمر الثاني: أن النووي -رحمه الله- قد استدرك في "الروضة" على الرافعي فقال: قلت الحق: هو قول البغوي، وأن مراده من لا يعرف ظاهره بالعدالة وقد صرح البغوي بهذا، هذا كلامه، وقد ظهر لك خطأوه في ما قال: إنه الحق وسببه عدم اطلاعه على هذا النص الذي خفي على الرافعي أيضًا، وأيضًا فقوله إن مراد البغوي من لا يعرف ظاهره بالعدالة وإنه قد صرح بهذا عجيب أيضًا فإن هذا بعينه قد حكاه عنه الرافعي، وإنما توقف في فهم المراد منه، وقد تلخص من كلام البغوي أن المسلم الذي لم يعلم فسقه بالنسبة إلى العدالة أقسام:
أحدها: أن تعرف عدالته ظاهرًا وباطنًا وذلك بأن يحكم الحاكم بها، وهذا القسم واضح.
الثاني: أن تعرف ظاهرًا فقط -أي بالمخالطة- من غير حكم حاكم فينعقد معها النكاح على المعروف.
الثالث: أن لا يعرف ظاهرًا ولا باطنًا كمن علمنا إسلامه، ولم نخالطه فنعلم حاله ولم يحكم الحاكم بعدالته فينعقد به على الصواب المنصوص الذي ذهب إليه الرافعي تفقها ولا ينعقد على ما قاله النووي ذهولًا عن المنقول.
واعلم أن في المسألة أمورًا أخرى مهمة يأتي الكلام عليها في أثناء