والتسليم في أحدهما إلى الحاكم فكان كحكمه، وفي الآخر الحكم منه في نصب الأمين والأمر بالتسليم فاختلفا، هذا كلام الماوردي، وهو يفيد أن تصرفه حكم بخلاف إذنه.
قال ابن الرفعة في حاشية كتبها في أوائل النكاح من "الكفاية": وهذا في العقود إنما يأتي إذا تقدم القبول على الإيجاب أما إذا تقدم الإيجاب من الحاكم فلا يمكن الحكم بصحته، إذ الحكم بها موقوف على وجود العقد فكيف يحكم به قبل صدوره والذي قاله حسن متعين.
واعلم أن ابن الصلاح قد ذكر في فتاويه أن الخلاف في جواز العقد بالمستورين محله إذا كان العاقد غير حاكم.
قال: أما إذا باشره الحاكم فإنه لا ينعقد بهما بلا خلاف، بل لابد من العدالة الباطنة، قلت وحكى في "التتمة" فيه طريقين: أصحهما إجراء الخلاف، ومدرك البطلان هذه القاعدة أن الحكم بالصحة لا يجوز بشاهدين مستورين، لكن ابن الصلاح لم يذكر هذه العلة بل علله بأن الحاكم لا يتيسر عليه الوقوف على العدالة الباطنة بخلاف الآحاد؛ والمراد من العدالة الباطنة هو أن تكون العدالة مستندة إلى التزكية، وصرح بذلك الرافعي في كتاب الصيام في الكلام على قبول الواحد، وليس المراد بالباطنة أن تكون حاصلة في نفس الأمر فإنه لا يمكن الاطلاع عليه، حتى يقال: إنه شرط للحكم بالصحة على وجه.
قال البغوي في "فتاويه": وإذا جاء رسول المرأة إلى القاضي وأخبره بأنها أذنت له في تزويجها وظن صدقه جاز له الاعتماد عليه والتزويج بقوله، وهذا الذي قاله يقتضي أن تصرفه ليس حكمًا بالصحة لأن الحاكم يعتمد قيام البينة أو العلم، لكن في الفتاوى الموصلية للشيخ عز الدين بن عبد السلام عكس ذلك فقال لو أخبر صدوق شخصًا بأن الولي أذن له في