النووي في هذا الموضع ظنًا صحة ما نقله فيه إلا أنه احترز عن أحد الموضعين، وصرح بالفورانى على الصواب فوقع في الخطأ بالنسبة إلى الموضع الآخر لاسيما وقد استظهرت أيضًا بمراجعة تصنيفه الأخر وهو "العمد" وإلا فالنووي لم يقف على "الإبانة" بالكلية، وأما "العمد" فإنه أعزب منه وأعز وجودًا، ثم تأملت فوجدت الغلط قد وقع لصاحب "البيان" من مسألة أخرى ذكرها في "الإبانة" فإنه قال فيها في الكلام على المجنون ما نصه: وإن كان صغيرًا فالأصح أنه لا يزوجه هذه عبارته، فتوهم أن المراد الصغير من حيث الجملة، وغفل عن كون الكلام في المجنون، فوقع في الغلط وأوقع فيه غيره، ووجه وقوع مثل هذا الموضع في "البيان" أن مصنفه -رحمه الله- جمع عليه حالة نحو أربعين شخصًا من طلبته واستعان بهم في إخراج المسائل وإملائها عليه ليضعها وهذا وإن أفاد في تيسير التصنيف فإنه يضر من جهة تقليد من ليس أهلًا للتصنيف.
قوله: وفي المجنونة أوجه الصحيح: أن الأب والجد عند عدمه يزوجانها، وقيل لا يستقلان بتزويج الكبيرة الثيب بل يشترط إذن السلطان بدلًا عن إذنها والثالث: لا يزوج الثيب الصغيرة كما لو كانت عاقلة، ثم قال: ولا فرق بين من بلغت مجنونة ومن بلغت عاقلة ثم جنت بناه على أن من بلغ عاقلًا ثم جن فولاية ماله لأبيه وهو الأصح، وإن قلنا أنها للسلطان فكذا التزويج. انتهى.
وما ذكره من بناء التزويج على ولاية المال في طرآن الجنون يقتضي أن يكون كذلك أيضًا في طرآن السفه، وحينئذ فيكون الأصح أنه لا يزوجها إلا السلطان لأن الأصح أنه الذي يلي ماله -أى مال من طرأ سفهه-، وهذا الذي صرح به الرافعي وابتنى عليه ما نبهنا عليه خلاف المعروف في المذهب، فقد قال إمام الحرمين في "النهاية" في فصل أوله قال: ويزوج